الحفريات التي سبقت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967
بدأ البحث عن الآثار في فلسطين لأول مرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ورغم أن عدداً من الحفريات قد جرى خلال المئة عام التي سبقت الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن النتائج كانت مقرونة بفرضيات خيالية غير دقيقة ومتضاربة بعضها مع بعض .
وقد بلغ عدد الحفريات في أنحاء فلسطين عشرين حفرية على الأقل، كانت برامجها وأهدافها واضحة وجلية للمتخصصين، وعندما كانت تكتشف أية طبقة من الآثار الإسلامية كانت تلقى الإهمال والضياع والتدمير أثناء البحث في طبقات أعمق وأقدم، ونادراً ما توثق الحفريات الإسلامية، وإذا وثقت تبقى بعيدة عن النشر والدراسة والتعميم على المؤسسات العلمية .
ويمكن القول أن حجم ما تم حفره خلال مرحلة الاحتلال الإسرائيلي في القدس يفوق حجم جميع الحفريات التي سبقت ذلك في فلسطين عامة .
إن أول حفرية تمت في القدس الشريف كانت في سنة 1863م من قبل بعثة فرنسية برئاسة عالم الآثار (ديسولسي) الذي اكتشف مقابر الملوك (kings tombs)، خارج بلدة القدس القديمة، وادعى أنها ترجع إلى عصر الملك داود.وكان فيها مخطط باللغة الآرامية نقله ديسولسي إلى متحف اللوفر في باريس .
وخلال الفترة (1867-1870) قامت بعثة بريطانية باسم (الصندوق البريطاني لاكتشاف آثار فلسطين) برئاسة المهندس الكولونيل (تشارلز وارين)، وكان هدفه منصباً على منطقة الحرم القدسي الشريف. أما أهم مكتشفاته فكانت آبار مائية متصلة بنبع جيحون. ثم قام بحفريات عمودية وأنفاق أفقية نحو جدران الحرم القدسي الشريف الشرقية والجنوبية والغربية بهدف اكتشاف طبيعة هذه الجدران وأنواع حجارتها التي كان يعتقد أنها هيرودية. ومن تلك الحفريات النفق الذي يقع مدخله بين باب السلسلة وباب القطانين ويتعامد مع الجدار الغربي للحرم القدسي الشريف بطول (25م) وبعرض (6م) ويصل إلى سبيل قايتباي، ولكن ذلك النفق لم يحقق له آماله. وقد نشر الكولونيل وارين نتائج حفرياته في كتابه (اكتشاف القدس) في عام 1871م، وفي كتابه (توثيق القدس) في عام 1884م.
كما أن الأب فنسنت (Vincent) قد أجرى حفريات قرب نبع جيحون، واكتشف أروقة ومغارات محفورة في الصخر كانت تحتوي على أوان فخارية ترجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد. ومن هذه المكتشفات استنتج الأب فنسنت أن التل الجنوبي الشرقي كان الموقع الأصلي للقدس، وأن نبع جيحون لعب دوراً هاماً في تشجيع إنشاء المساكن في هذا الموقع .
وقد تمت حفريات في العصور اللاحقة أهمها ما قام به الجنرال الألماني المعماري (كونراد تشيك) الذي تخيل ورسم الهيكل الذي حلم بإنشائه، ووصفه مازار (رئيس الجامعة العبرية سابقاً) فيما بعد في عام 1975 أنه أسطوري. أما أهم مكتشفات هذا الجنرال فهي القناة التي تبتدئ من أسفل المدرسة المنجكية (المجلس الإسلامي حالياً) وتصل إلى البرك الصخرية الرومانية الموجودة في دير راهبات صهيون بطول حوالي (80متراً) وارتفاع (8م) وعرض (1,5م). وتقول دائرة الآثار الإسرائيلية أن تاريخ هذه القناة يرجع إلى الفترة (153-37 ق.م) وكانت قديماً تزود القدس ومنطقة الحرم القدسي الشريف بالمياه .
وفي عهد الانتداب البريطاني على فلسطين تأسست بعض معاهد الآثار، وكان أولها (المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية) برئاسة (و.أولبرايت) ثم جاء (الصندوق البريطاني لاكتشاف آثار فلسطين) وتمت أهم حفرياتهم الأثرية خلال الفترة (1923-1928) في مناطق ملاصقة لبلدة القدس القديمة .
وبعد ذلك أمضى علماء الآثار الفترة اللاحقة لاستيعاب وهضم وفهم ما تم اكتشافه للوصول إلى مفاهيم أفضل حول تاريخ القدس، إلى أن بدأت فترة الحكم الأردني (1948-1967) فجاءت عالمة الآثار البريطانية (كاثلين كنيون) وترأست المدرسة البريطانية للآثار ومارست عملها في بلدة القدس القديمة في عام 1961 باتباع الأسس العلمية الحديثة للبحث عن الآثار، ودرست ما تم التوصل إليه في أعمال من سبقها من علماء الآثار. وركزت اهتمامها على الحدود الشرقية للبلدة القديمة، ونقضت عدداً من الأفكار والمعتقدات التي نشرها أولئك العلماء في كتابها الذي نشرته في عام 1967 بعنوان (القدس/ حفريات 3000 سنة) كما أنها لم تقدم شيئاً يدعم الإسرائيليين في دراستهم لآثار المنطقة الغربية من الأقصى المبارك .
الحفريات الإسرائيلية في القدس بعد عام 1967
بوشرت هذه الحفريات في أواخر سنة 1967 وهي مستمرة إلى الآن دون توقف، رغم قرارات مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة واليونسكو التي طالبت إسرائيل بإيقافها .
وأهم هذه الحفريات التي أنجزت حتى الآن :
حفريات جنوبي المسجد الأقصى المبارك:
بوشرت هذه الحفريات في أواخر سنة 1967 وتمت سنة 1968 على امتداد سبعين متراً أسفل الحائط الجنوبي للحرم القدسي، أي خلف الأقصى ومسجد النساء والمتحف الإسلامي والمئذنة الفخرية. وقد وصل عمق هذه الحفريات إلى (14م)، وهي تشكل مع مرور الزمن خطراً يهدد بتصدع الجدار الجنوبي ومبنى المسجد الأقصى المبارك الملاصق له. وقد مولت الجامعة العبرية هذه الحفريات التي ترأس فريقها البروفيسور بنيامين مزار (B.Mazar)، ومساعده مئير بن دوف ونشر أول تقرير عن نتائج التنقيب سنة 1969. أما ما تم اكتشافه في هذه الحفريات فكان آثاراً إسلامية أموية (660-750م)، وآثاراً رومانية وأخرى بيزنطية، ولكنه أصر في كتابه على أن موقع الهيكل المزعوم هو نفس موقع المسجد الأقصى المبارك، وأن مدخله من الناحية الغربية، من جهة قوس روبنسون. وقد اختلف معه البروفيسور كوفمان فيما بعد وقال إن مدخل الهيكل من الشرق في موقع الباب الذهبي .
حفريات جنوب غرب الأقصى المبارك:
تم هذا الجزء من الحفريات سنة 1969 وعلى امتداد ثمانين متراً مبتدئة من حيث انتهى الجزء الأول، ومتجهة شمالاً حتى وصلت باب المغاربة مارة تحت مجموعة من الأبنية الإسلامية التابعة للزاوية الفخرية (مركز الإمام الشافعي وعددها 14) صدعتها جميعاً، ومن ثم أزالتها السلطات الإسرائيلية بالجرافات بتاريخ 14/6/1969 وأجلي سكانها .
ويقول (مائير بن دوف) إنه اكتشف أساسات ثلاثة قصور أموية اثنان منها متشابهان والثالث يختلف قليلاً عن سابقيه ويقول الأستاذ (بنيامين مازار) في كتابه الذي نشره عام 1975 إنه لا يوجد أية بينات عن آثار المدينة المقدسة قبل هدم الهيكل الثاني إلا في كتب المؤرخ اليهودي (جوسيفوس فلافيوس) الذي أرخ للفترة اليهودية، وكذلك في المشنة والتوراة والتلمود. وهذا يعني أن الأستاذ مازار قد استقى تخيلاته التي نشرها عام 1975 عن موقع الهيكل في هذه المنطقة من هذه الكتب التي لا تتصف بالاستقلالية، بل تعبر عن آمال اليهود دون الاستناد إلى حقائق تاريخية موثقة علمياً. ويعترف الأستاذ مازار أن مدينة القدس القديمة قد اختفت لأن الأساس الصخري لتلك المدينة قد كشف بالحفريات الإسرائيلية الجديدة، ووجد هو نفسه أنه قطعت منه أحجار لأبنية حديثة .
إن هذا الاعتراف يتناقض كلياً مع الافتراضات والتخيلات التي نشرها عن موقع الهيكل الوهمي والتي تفتقر إلى اللمسة العلمية والحقيقة التاريخية .
حفريات جنوب شرق الأقصى المبارك:
بوشرت هذه الحفريات في سنة 1973 واستمرت حتى سنة 1974 وامتدت على مسافة ثمانين متراً للشرق واخترقت في شهر تموز (يوليو) 1974 الحائط الجنوبي للحرم القدسي الشريف ودخلت إلى الأروقة السفلية للمسجد الأقصى المبارك في أربعة مواقع هي:
أسفل محراب المسجد الأقصى المبارك وبطول (20م) إلى الداخل .
أسفل جامع عمر (الجناح الجنوبي الشرقي للمسجد الأقصى) .
ج- أسفل الأبواب الثلاثة للأروقة الواقعة أسفل المسجد الأقصى المبارك.
د- أسفل الأروقة الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى المبارك .
وقد وصلت أعماق هذه الحفريات إلى أكثر من (13م) وأصبحت تعرض جدار الأقصى المبارك الجنوبي إلى خطر التصدع والانهيار بسبب العوامل الآتية:
قدم البناء .
تفريغ التراب الملاصق للجدار من الخارج إلى عمق كبير، فأصبح هناك فرق كبير بين منسوبي الداخل والخارج .
ضجيج الطائرات الحربية يومياً فوق المنطقة واختراقها لحاجز الصوت، وهذه تؤثر على جميع المعالم الإسلامية الدينية والتاريخية بما في ذلك مبنى المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة .
هدم حارة المغاربة:
بتاريخ 11/6/1967 (أي بعد أربعة أيام فقط من الاحتلال الإسرائيلي للقدس) هدمت السلطات الإسرائيلية باستعمال الجرافات حي المغاربة الملاصق للمسجد الأقصى من الجهة الجنوبية الغربية. وكان هذا الحي يشكل حصناً منيعاً يفصل الحي الذي كان يسكنه اليهود عن المسجد الأقصى المبارك، وملاصقاً لحائط البراق الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من الحرم القدسي الشريف .
وكان في هذا الحي مسجدان و135 منزلاً. ويرجع تاريخ إنشاء حارة المغاربة إلى عهد الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين الذين وقف الأراضي والمساكن المحيطة بحائط البراق على طائفة المغاربة، وكان ذلك في فترة سلطنته على دمشق (589 – 592هـ) وكانت القدس تابعة له (الأنس الجليل ج2، ص 46) وقد تحولت منطقة حارة المغاربة الآن إلى ساحة كبيرة مبلطة لاجتماع السياح فيها، لوقوف سياراتهم، ومنها يدخل الإسرائيليون والسياح إلى النفق الغربي .
حفريات النفق الغربي:
بوشر بهذه الحفريات سنة 1970 وتوقفت سنة 1974 ثم استؤنفت ثانية سنة 1975 واستمرت حتى أواخر عام 1988 رغم قرارات اليونسكو، وامتد النفق من أسفل المحكمة الشرعية (وهي من أقدم الأبنية التاريخية في القدس) ومر أسفل خمسة أبواب من أبواب الحرم الشريف هي: باب السلسلة، وباب المطهرة، وباب القطانين، وباب الحديد، وباب علاء الدين البصيري (المسمى باب المجلس الإسلامي)، ومر كذلك تحت مجموعة من الأبنية التاريخية الدينية والحضارية ومنها أربعة مساجد، ومئذنة قايتباي الأثرية، وسوق القطانين (أقدم سوق أثري إسلامي في القدس)، وعدد من المدارس التاريخية، ومساكن يقطنها حوالي (3000) عرب مقدسي.
وقد وصلت حفريات النفق إلى عمق يتراوح بين (11-14م) تحت منسوب الأرض وطول حوالي (450م) وارتفاع 2,50 متراً ونتج عن هذه الحفريات تصدع عدد من الأبنية منها الجامع العثماني، ورباط كرد، والمدرسة الجوهرية، والمدرسة المنجكية (مقر المجلس الإسلامي)، والزاوية الوفائية، وبيت الشهابي، ويمر النفق بآثار أموية وبيزنطية عبارة عن جدران وأقواس حجرية .
وفي شهر آذار من عام 1987 أعلن الإسرائيليون أنهم اكتشفوا القناة التي كان قد اكتشفها قبلهم الجنرال الألماني (كونراد تشيك) في القرن التاسع عشر بطول 80م. ولم يكتف الإسرائيليون بإيصال النفق بالقناة بل قاموا بتاريخ 7/7/1988 وتحت حماية الجيش الإسرائيلي بحفريات جديدة عند ملتقى طريق باب الغوانمة مع طريق المجاهدين (أو طريق الآلام) واستخدموا فيها آلاف الحفر الميكانيكية، بهدف حفر فتحة رأسية ليدخلوا منها إلى القناة الرومانية وإلى النفق، ولكن تصدى لهم المواطنون في القدس الشريف ومنعوهم من الاستمرار فاضطرت السلطات الإسرائيلية إلى إقفال الفتحة وإعادة الوضع السابق .
وكان الهدف من تنفيذ هذه الفتحة هو تهوية القناة والنفق من جهة ثانية غير المدخل، وإنشاء نقطة حراسة إسرائيلية جديدة، والوصول إلى البرك الرومانية بسهولة، ورغم إقفال هذه الفتحة فقد صرح وزير الأديان الإسرائيلي (زفولون هامر) وكذلك رئيس بلدية القدس الإسرائيلي آنذاك (تيدي كوليك) بأن هذه الحفرية الأثرية سوف تستأنف في الوقت المناسب. وهذا يدل على عدم الاكتراث والتحدي السافر لكل المثل الإنسانية والحضارية، وفعلاً استأنف الإسرائيليون محاولاتهم لفتح باب ثاني للنفق في زمن حكومة رابين إلا أنهم توقفوا عن ذلك أمام الرفض الذي جابهوه من أهالي القدس. ثم أعادوا الكرة في عهد حكومة نتنياهو. وفي هذه المرة نجح الإسرائيليون بفتح باب ثاني للنفق من جهة مدرسة الروضة على طريق المجاهدين بتاريخ 24/9/1996، ويعود سبب نجاحهم إلى ما يلي:
كان قرار فتح الباب من رئيس الوزراء ورئيس البلدية الإسرائيلي .
تم فتح الباب ليلاً تحت حراسة الجيش الإسرائيلي .
تم محاصرة المنطقة ومنع العرب من التجول فيها إلى أن اكتمل العمل.
استعملت المعدات الميكانيكية السريعة لإنجاز العمل في أقصر وقت.
ويهدف الإسرائيليون بفتح الباب الثاني للنفق إلى تحسين تهوية وإضاءة النفق وتسهيل الصلاة في الداخل، وإقناع يهود العالم للقدوم إلى القدس للصلاة داخل هذه النفق وفي موقع تحت المسجد الأقصى المبارك. وعليه فقد أصبح داخل النفق كنيساً يهودياً، سيحاول الإسرائيليون القفز منه إلى الأعلى مستقبلاً وهذه هي الخطورة الكبيرة التي تكمن وراء بقاء هذا النفق مفتوحاً ومستعملاً للصلاة .
لقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن هذا النفق تاريخي قديم، وأن الإسرائيليين أعادوا فتحه فقط، واستغرب استنكار الأمة العربية لفتحه. والحقيقة أن القديم من هذا النفق هو جزء القناة القديمة بطول ثمانين متراً وتبدأ من باب الغوانمة وتصطدم ببركتين صخريتين موجودتين داخل دير راهبات صهيون واكتشفها قبل الإسرائيليين الجنرال الألماني كونراد تشيك. أما باقي النفق من مدخله في ساحة المغاربة وإلى باب الغوانمة بطول حوالي 450 متراً فهو نفق جديد حفره الإسرائيليون خلال سنين طويلة وقدمت حكومة الأردن عدة شكاوى في حينه إلى اليونسكو وصدرت قرارات لإيقاف حفريات هذا النفق إلا أن الإسرائيليين لم ينصاعوا إلى تلك القرارات. وجاء في تقرير المستشار الفني (مسيو لومير) لمدير عام اليونسكو (السيد مايور)، الذي نشره عام 1996، أن الإسرائيليين قد استعملوا مواد كيماوية خاصة لتسهيل تفتيت الصخر في داخل النفق. وهذه المواد تشكل خطورة على أساسات الأبنية الإسلامية إذا وصلتها عن طريق المياه الجوفية. وفي هذه الحقائق ما يدحض ادعاء نتنياهو بأن هذا النفق قديم .
6- إعادة فتح حفريات الكولونيل وارين:
بتاريخ 21/8/1981 (ذكرى إحراق المسجد الأقصى) أعادت السلطات الإسرائيلية فتح النفق الذي اكتشفه الكولونيل وارين سنة 1867 فاعتصم المواطنون المقدسيون في داخل النفق ومنعوا السلطات الإسرائيلية من الاستمرار بهذه الحفريات حيث كان ينوي الإسرائيليون إيصال هذا النفق إلى أسفل مبنى قبة الصخرة المشرفة، ثم تدخلت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس وأقفلت باب النفق بالخرسانة المسلحة بتاريخ 29/8/1981 وقد نتج عن فتح هذا النفق تشققات في الرواق الغربي للحرم الشريف فوق باب النفق .
7- حفريات باب العامود:
قامت دائرة الآثار الإسلامية في سنة 1975 بالحفريات تحت باب العامود من الخارج، وكشفت عن باب السور القديم الذي يقع حوالي خمسة أمتار تحت باب العامود الحالي. ثم وصلت الباب الحالي مع الساحة الأمامية الخارجية بجسر مسلح من أجل المرور من وإلى البلدة القديمة. وكل ما وجدته كان آثاراً وعقوداً إسلامية لا تمت إلى الهيكل بصلة .
8- حفريات باب الأسود (باب الأسباط) :
كانت المساحة المحصورة ما بين الأسود (على سور القدس) وباب الأسباط (على سور الحرم القدسي الشريف الشمالي) بعد عام 1967 تستعمل لتوزيع التموين على اللاجئين من قبل وكالة الغوث الدولية. وفي عام 1982 أصرت السلطات الإسرائيلية على إجراء حفريات فيها بحجة وجود بركة إسرائيل في ذلك الموقع، رغم معارضة دائرة الأوقاف الإسلامية. وانتهت الحفريات في عام 1986 ولم يكتشف أي أثر إسرائيلي. وفي عام 1988 تم إنشاء مدرج حجري ومقاعد حجرية بموجب مخطط أعدته السلطات الإسرائيلية في موقع الحفريات. كما تم إنشاء جدار حجري يفصل الساحة عن طريق المجاهدين .
9- حفريات قلعة باب الخليل:
قامت السلطات الإسرائيلية بهذه الحفريات منذ عام 1975 بجوار القشلة (قسم الشرطة) ولم تجد أي أثر إسرائيلي .
10- حفريات منطقة النبي داود:
إن هذه الحفريات هي عبارة عن إعادة النظر بالحفريات التي تمت في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، حتى يتأكد الإسرائيليون من النتائج التي توصل إليها السيد (ك. جونز) في عام 1940 والتي أطلق عليها في حينه برج النبي داود .
11- حفريات حارة شرف:
إن حارة شرف منطقة سكنية قديمة كانت تملكها عائلة عربية في القدس تدعى عائلة شرف، وكانت مؤجرة لعائلات يهودية منذ عهد الانتداب البريطاني، ولم يكن يملك اليهود من تلك الأبنية إلا نسبة بسيطة حوالي 4% وقد هدمت هذه الحارة خلال حرب 1948 بين العرب واليهود، وخرج منها جميع السكان اليهود. وبقيت على حالها خلال العهد الأردني بسبب عدم تمكن بلدية القدس العربية من الحصول على قرض لإعادة لإعمار هذه الحارة. ولم تنجح البلدية بالاتفاق على قرض أوروبي إلا في عام 1966 ولكن كانت حرب 1967 أسرع من القيام بمشروع الإعمار .
وعندما احتل الإسرائيليون القدس في عام 1967 استغلوا حالة الحارة المهدومة، وادعوا أنهم يملكونها. وقام فريق منهم برئاسة نهمان أفيجاد بالحفريات في هذه المنطقة حتى وصل إلى الطبقة الصخرية الأصلية، ولم يجد أية آثار سوى جزء صغير من جدار عريض، ادعى الأستاذ نهمان أنه يرجع إلى تاريخ الملك حزقيا .
وبعد ذلك جهزت بلدية القدس الإسرائيلية مخططات أنشأت بموجبها مساكن حجرية لا يمت تصميمها بأية صلة تاريخية إلى هذه الحارة، ويرتفع بعضها إلى علو كبير للسيطرة على ساحات الحرم القسي الشريف من الجهة الغربية. ثم أسكنت فيها عائلات إسرائيلية. ويبلغ عدد هذه المساكن حوالي (600) مسكناً .
12- حفريات حديثة :
تجري الآن حفريات جديدة واحدة منها تبتدئ من باب الغوانمة وتسير باتجاه مبنى قبة الصخرة المشرفة، وتمر في بئرين ماء وقد انتهى الجزء الأول منها لغاية البئر الأول. والهدف من هذه الحفرية هو الوصول إلى أساسات مبنى قبة الصخرة المشرفة .
وهناك حفرية أخرى تبتدئ من باب الغوانمة باتجاه المسجد الأقصى المبارك .
وصرحت مصادر إسرائيلية أن عملية الحفريات ستستمر تحت القدس القديمة لوضع تصور كامل لتاريخها اليهودي المزور تحت ستار الحفريات الأثرية التي لم يكتشف الإسرائيليون منها أي أثر للهيكل المزعوم. والهدف الحقيقي من هذه الحفريات هو تقويض أركان جميع المعالم الدينية والتاريخية الإسلامية في البلدة القديمة وطرد السكان العرب منها وتهويدها بالكامل .
والجدير بالذكر أنه رغم جميع الممارسات التعسفية الإسرائيلية في القدس ورغم المصادرات للعقارات الإسلامية ورغم طرد السكان ومنعهم من إنشاء أية أبنية جديدة، فإن الصورة الجميلة للطابع العربي هذه المدينة المقدسة والنسيج العمراني الإسلامي ما زال ماثلاً للعيان لم يتغير، وما زال الوجه العربي والإسلامي للمدينة مسيطراً، ولكن إلى متى؟
لقد صمد أهالي القدس أمام جميع الممارسات السياسية والاقتصادية مدة ثلاثين عاماً، فما هو مستقبل القدس في السنوات القادمة؟ إن القدس تنتظر من الأمة العربية العمل الكثير وليس الكلام الكثير .